كل راكبي القطار يذهبون عبر نفس القضبان



احتمالات لا محدودة لما يمكن أن تصنع ...
فلنتخيل حروف اللغة العربية – علي سبيل المثال – مرصوصة أمامك ...
قم بعمل توافيق و تباديل بين هذه الحروف لتكوين كلمات .. حرف الألف مع حرف الباء ( أب) و حرف القاف مع الباء مع اللام ( قبل ) ... حاول أن تتخيل كم الكلمات الممكنة
و الآن قم بالتبديل بين تلك الكلمات ( هائلة العدد ) لتصنع جميع الاحتمالات الممكنة لوضع الكلمات مع بعضها ...تخيل كم الاحتمالات الممكنة ... و الآن لديك جميع الاحتمالات الممكنة لخلق جمل عربية ...
ثم هناك احتمالات أكثر لترتيب الجمل مع بعضها لصنع خليط ... من الممكن أن يكون شعرا أو رواية أو مقالا أو قصة قصيرة أو خاطرة ...
ما دور الشاعر و القاص و كاتب المقال إذا ... فقط أنه أزاح الستار عن هذه الاحتمالية الموجودة قبل أن يكتبها ...
فالشعر موجود قبل أن يكتبه الشاعر .. و كذلك القصة و المقال ..
إن أعظم الكتاب هم من أزاحوا الستار ... الفارق بينهم و بين غيرهم هم أنهم أمسكوا بالقلم و اختاروا بعض الاحتمالات الممكنة -الغير سرية بالمناسبة - و خطوها علي ورق ...
إن غيرهم لم يكتب .. لم يختار هذه الاحتمالية ..
تلك الموهبة .. هي موهبة نزع الستار .. و اتخاذ خطوة الكتابة و هتك حجاب اللغة ...
حاول الآن أن تفكر في حياتك بطريقة الاحتمالات تلك ...
عدد الأماكن علي ظهر البسيطة من المحتمل و الممكن أن تتواجد فيها ... فقط احتمال .. تخيل فقط ..
كم من اللغات من الممكن أن تتكلمها ..
كم من الوظائف من الممكن أن تعملها ...
ما المانع إذا ؟
نحن لا نحاول من الأساس ... لا نتخيل ... لا نضع احتمالية ... كما أنه من غير المنطقي أن يكتب الشعر نفسه دون أن يمسك الشاعر قلمه و يخطه علي الورق .. فكذلك لن تأتيك الفرص .. و لن تستيقظ من النوم لتجد أنك تتحدث اللغة اليابانية بطلاقة ...
هذه هي الحقيقة .. .الكل سيقاوم .. و سيعتبر هذا الكلام فارغاً ... و لكن هذا هو الأمر ... نعم بكل هذه البساطة ...
كم مرة تعجبت من أن هذا الرجل تزوج بهذه الفتاة الرائعة الجمال .. الحقيقة أنه لولا أنه اختار احتمالية تواجده في المكان التي تواجدت فيه أول مرة تقابلا فيها .. ثم اختياره احتمالية أن يحادثها بعد ذلك ليتعارفا أكثر و أكثر ... اختياراته تلك هي التي أدت به في النهاية إلي أن يتزوج بهذه الفتاة الرائعة ...
إنها اختيارات ...
صديقي اختار أن يدفع ثمن التسجيل في إحدي معاهد تعليم اللغة الفرنسية ... هو اختار ذلك في نفس الوقت الذي اختار فيه غيره أن يجلس علي المقهي لأدخن السجائر و ألعب الطاولة ...
اختار هو أن يسافر يوميا لمدة سنة ليتعلم اللغة .. في نفس الوقت الذي لم يختر فيه غيره سوي أن يخرج يوميا مع نفس الأصدقاء للجلوس علي نفس المقهي ليلعبوا نفس اللعبة .. و ليتحدثوا حول نفس الأشياء ...
ثم بعد عام .. فوجئت به يتحدثها بطلاقة .. و أعجبت به فتاة لأنها وجدت أن لكنة اللغة الفرنسية جذابة ...
فيتعجب غيره ... لماذا يتحدث هو الفرنسية .. و لا أتحدثها أنا ؟؟!! إنه أمر عجيب حقا ...
ألا يحدث هذا الأمر معك يوميا ...
الاجابة هي : الاختيارات ..
كيف تتساءل : كيف تعرفت علي هؤلاء الناس .. لأنني اخترت أن أتواجد معهم في نفس المكان أول يوم تقابلنا فيه ...
كيف تعلمت اللغة الايطالية .. لأنني اخترت أن أذهب إلي معهد اللغة تعليم اللغة الايطالية لتعلم اللغة الايطالية ..
كيف تجيد قيادة السيارات .. و السباحة .. و لعب الشطرنج ..
كيف قرأ هذا الشخص كل هذه الكتب ... لأنه في الوقت الذي اخترت فيه أنت ألا تقرأ قد قرر و اختار أن يقرأ ...
نحن فقط سجناء أفكارنا ...
نحن خبراء في سجن الطموحات و الأحلام ..
لا دليل علي كلامي .. إلا التجربة ...
لماذا أثق أن صديقي سينجح .. لأنني أعلم أنه واثق من نجاحه ... و لأن اخياراته هي اختيارات الناجحين ..
لماذا سافر حول العالم .. لأنه اتخذ مجموعة قرارت ... وفرت له الفرص للسفر ... فهو ليس الأغني أبدا .. و لكنه اختار أن يسافر ...
من فضلك ...
توقف عن السخرية من اختيارات الآخرين لأنها فقط ليست اختياراتك ...
إن الحياة ليست قطارا لا يستطيع الخروج عن قضبانه ... إنها أكثر مرونة من ذلك
صديقي سيصبح ممثلا مشهورا و أنا علي يقين من ذلك ... لأنه اختار هذا الآن ..
نحن نتذكر الماضي و لا نستطيع تغييره ... و نجهل المستقبل .. و لكننا نستطيع تغييره ...
أولي خطوات الوصول إلي هناك .. أن تختار أن تذهب إلي هناك ...
الموضوع بسيط جداً ..
الاحتمالات واسعة جدا ... و لكننا نضيقها و نخنقها و نسجنها في عقولنا ...
أنت حتي لا تستطيع أن تتخيل نفسك أفضل مما يتخيلونك أن تكون ... أنت لم تتخذ الخطوة الأولي نحو الوصول ألا و هي الرغبة في الوصول
قدراتك سجينة العادة و العجز عن الاختيار ...
أزل الحجاب عن الاحتمالات .. ستفاجأ بأنها موجودة ... بجوارك .. قريبة .. رخيصة ... و لكنها فقط كانت تحتاج أن تتخيلها ثم تراها .. لا أكثر ...
نعم الجميع سيقاوم هذه الفكرة .. ولكن هناك من بالفعل يمارسون فعل الاختيار ... و من يتمتعون بفعل التجديد و الابداع في الكشف عن احتمالات جديدة لطرق المعيشة ....
و لسجناء أنفسهم ... حرورا عقولكم ستستشعرون الفارق ... و توقفوا عن التساؤل .. لماذا يتحدث هذا الرجل خمس لغات ..
إجابتي .. لأنه لم يجلس علي كرسي في مقهي يحملق ببلاهة في الفراغ لسنوات متتالية ... و لأنه لم يركب القطار الذي يركبه الجميع


ان اعجبك موضوعنا فنرجوا ان تنشره :

إرسال تعليق

 
الحقوق: copyright © 2011. مدونة فضفضة -تعريب مدونه فضفضه