انه صيف العام 2008 في لندن ,حيث يمكن سماع البوم فريق "كولدبلاي" الجديد في كل مكان تقريبا , يتوقف الشاب المصري ابن الخامسة و العشرين طويلا امام اغنية مطلعها " كوني اخسر لا يعني بالضرورة انني تائه" , الاغنية تقذف حجرا يحرك مياه النوستالجيا الراكدة في رأسه , من البداية في شوارع مدينة نصر , عين الجوهري الصغير التي ذهبت به الى ميت عقبة, اعياء اللعب في مباريات المراحل السنية الاكبر ,ترانزيت الصعود للفريق الاول قبل الذهاب لاوروبا , الحياة فوق السحاب كملك متوج في بلجيكا ولاعب دولي قبل اتمام التاسعة عشر , سنين المجد في اياكس رفقة ابرا وفان دير فارت وباقي الرفاق انتهت بصراع مع كومان افضى الى مباريات لا تنسى في اسبانيا مع سيلتافيجو , سنة عابرة في فيلودروم انجازها الوحيد اللعب رفقة ديدييه دروجبا , خيبات الامل المتتالية على دكة بدلاء روما , شعور النجاة من الغرق مع وصول عرض توتنام , التألق فور الوصول الى لندن بوقاحة تدفع اشخاص ككانوتيه و جيرمين ديفو الى متابعة المباريات من على مقاعد البدلاء مستمعين لهتاف جماهير وايت هارت لين " يوجد ميدو واحد فقط " , العودة من كأس افريقيا محملا بصيحات جمهور استاد القاهرة " برة .. برة" بعد مشهد مباراة السنغال السريالي , انا سعيد في توتنام ولن اعود الى روما حتى و ان اتى مارتن يول ببيرباتوف , انا شجاع بما يكفي لأواجه سول كامبل و غيره من محاربي دفاعات البريمييرليج وجماهيره اذا لزم الامر استطيع ان اخرج من الدكة لأسجل في مرمى الارسنال , الدكة تقلقني على ايحال فلماذا لا اذهب الى ميدلسبره , لا يعني هذا انني ضللت الطريق فأنا اعرفه جيدا , البورو مجرد محطة لاعاود اللحاق برفاق الدرب الذين وصلوا الى قمة هرم الكرة الاوروبية , بداية مبهرة كالعادة مع كل فريق جديد واهداف متتالية مع الفريق الاحمر ثم اتت الاصابة التي بالعودة منها اصبحت حديث الصحافة لا بأهدافي ولا بتألقي لكن بوزني الزائد
الاغنية على حق , لايعني كل هذا بالضرورة انني سأنتهي , سأعود في الموسم المقبل بصورة مدهشة للكل , سأسجل في فريقي القديم و قد عدت الى وزني ايام العز في هولندا ثم اتبعه بهدف في ليفربول , لم افشل ف البورو لكني لم اجد ذاتي هناك , حبي للترحال يدفعني للتجربة في مكان اخر , لم اجني من شهوري الستة في ويجان الا المزيد من الكيلوجرامات واستعادة كابوس الوقوف امام الميزان في كل اسبوع , لماذا لا اعود الى بيتي , ربما وجدت نفسي في هتاف مشجعي الزمالك لي , ربما يعود حلم المنتخب الى الحياة عندما اتواجد في مصر ,هناك لن تتندر الصحافة على وزني , سأستعيد مستواي في هدوء مع الزمالك ثم اعود لأغزو اوروبا , الاحلام تهاوت سريعا , بعد ستة اشهر من الهبوط في مطار القاهرة اعود لعاصمة الضباب تاركا فريقي في وضع لا يحسد عليه مستبعدا من المنتخب في مشهد مكرر , لندن لم تعد كما كانت , اعود الى ويستهام ولو بألف جنيه استرليني اسبوعيا لكنه يهبط ويتركني امام مصيري , فقط اريد ان اثبت انني لست تائها كما يقولون, ابحث عن شخص لا يزال يؤمن بي بعد خيبات السنين المتتالية , في الصيف يطل مارتن يول ليمنحني بارقة امل جديدة , سأخوض معركتي الاخيرة ضد الكيلوجرامات الزائدة في امستردام , مباريات قليلة بوزن مقبول على اي حال الى جوار سواريز و هدفين ثم يرحل يول و يخبرني الهولنديون انه لا مكان لي في الارينا بعده , يرحل سواريز الى ليفربول و اعود انا الى الزمالك مرة ثانية تاركا اوروبا وراء ظهري نهائيا هذه المرة , القاهرة لم تعد تكترث ب"العالمي " كما كانت ظروف مجتمعة تمنعه المشاركة حتى الموسم القادم , الكل تأقلم على غيابه عن الملاعب حتى جسده نفسه , لم يعد مباليا بهيئة اللاعبين المعتزلين التي يبدو فيها مرتديا قميص الزمالك , كوني زائد الوزن لا يمنعني من تقديم الكرة التي تدور في في رأسي ولا يمنع الجمهور من الهتاف بأسمي حاضرا و غائبا , عليهم جميعا ان يفهموا ذلك ويتقبلوه والا فليذهبوا الى الجحيم انا لم اعد بحاجة الى اثبات ذاتي فعلى من لا يعرفني الرجوع للانترنت, لم اهزم بعد ففي اي وقت استطيع ان اعود الى ما كنت عليه دون الحاجة الى نصائح من احد , لكن الايام الماضية لا تعود عزيزي العالمي...يوما بعد الاّخر يصبح بصيص الامل في العودة ابعد من زمن المجد الذي ولى..
بينما يستعد ديدييه دروجبا لمغادرة لندن متجها الى ميونيخ لخوض نهائي دوري الابطال وهو في الرابعة والثلاثين من العمر يجد الرجل الذي اجلسه يوما ما على دكة الاحتياط نفسه مستبعدا من قائمة اولية لفريقه الزمالك مع اسماء لم تكن تحلم بمجرد التقاط صورة معه, كأن القدر اختار ان يوجه له صفعة اخيرة عقابا على مشوار حافل من الاستهتار بالذات , تمر في رأسه كلمات اغنية كولدبلاي في نفس الالبوم الذي استوقفه في لندن منذ اربع سنوات تقول " اعتدت ان احكم العالم , لكني الاّن اكنس الشوارع التي كنت املكها في
الماضي..."
الماضي..."
إرسال تعليق